من بين جميع المراحل التي تمر بها المرأة قد تكون مرحلة ما قبل سن اليأس (ما قبل انقطاع الطمث – Perimenopause) من أكثرها إرباكاً، وهي المرحلة الانتقالية التي تسبق توقف الدورة الشهرية تماماً؛ حيث يصعب على المرأة معرفة متى ستبدأ هذه المرحلة بالضبط، ومتى ستنتقل إلى مرحلة انقطاع الطمث التام، وما إن كانت الأعراض التي تعانيها ناتجة عنها أو عن مشكلة صحية معينة.
” أعراض مرحلة ما قبل انقطاع الطمث تتفاوت بشكل كبير بين النساء، لدرجة أنّ كثيراً من النساء وحتى الأطباء، قد لا يميزون أعراضها” وفقاً للدكتورة راجيتا باتيل، طبيبة النساء والتوليد ومديرة برنامج الرعاية الشاملة لانقطاع الطمث في UCLA Health.
إدراك أنّ الأعراض التي تعانين منها قد تكون مرتبطة بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث هو الخطوة الأولى لإيجاد الحلول والتحسن.
كيف أعرف ما إن كنت في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث؟
مرحلة ما قبل انقطاع الطمث هي المرحلة الانتقالية التي تسبق توقف الدورة الشهرية تماماُ، تبدأ في عمر الثلاثينيات، أو الأربعينيات، أو الخمسينيات، وتنتهي بالدخول في سن اليأس.
تقول الدكتور باتيل ” من أهم المؤشرات لمعرفة ما إن كنت في مرحلة ما قبل سن اليأس هو انتظام الدورة الشهرية، فإذا كانت دورتك الشهرية منتظمة منذ سنوات وفجأة أصبحت تتأخر أو تتقدم بعدة أيام، فهذا مؤشر قد يدل على مرحلة ما قبل انقطاع الطمث”.
ولكن بالطبع، الأمر ليس بهذه البساطة، فبعض النساء دورتهنّ غير منتظمة بطبيعتها، أو يستخدمن حبوب منع الحمل، تقول الدكتورة باتيل” حبوب منع الحمل قد تخفي أعراض هذه المرحلة فيصعب ملاحظتها”.
لا يوجد فحص معين يمكنه الكشف عن مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، ولكنّ تحليل هرمون FSH قد يكون مؤشراً دالاً عليها، فإذا كان مستواه في الدم 25 نبدأ بالاشتباه بأنك قد دخلت مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، وإن وصل إلى 50 أو أكثر فهذا يعني أنّه من المرجح أنّك قد دخلت في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث.
ما هي أعراض مرحلة ما قبل انقطاع الطمث؟
أول أعراض ما قبل انقطاع الطمث هو أن الدورات الشهرية تصبح أقل انتظاماً، ولكن يوجد أعراض عديدة أخرى قد تنتج عن التغيرات الهرمونية التي ترافق هذه المرحلة.
توضح الدكتورة باتيل قائلة ” يصبح جسمك أكثر حساسية لانخفاض هرمون الإستروجين الذي يحدث بشكل طبيعي قبل موعد الحيض” ويضيف ” لذلك من المحتمل أن تزداد الأعراض السابقة له مثل التقلبات المزاجية، والتعب العام، ومتلازمة ما قبل الحيض”.
تقول الدكتورة باتيل” مع مرور الوقت في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث والاقتراب من انقطاعه تماماً يستمر الانخفاض في الهرمونات، وبما أنّه يوجد مستقبلات لهرمون الإستروجين في مختلف أنحاء الجسم، يسبب انخفاض الهرمونات أعراضاً تؤثر في عامة أجزاء جسمك. ” انخفاض الإستروجين قد يؤثر في الدماغ، والقلب، والمفاصل، والعضلات، والمثانة، والجلد، والشعر.
هناك العديد من الأعراض المعروفة التي تبدأ من مرحلة ما قبل انقطاع الطمث وتصل لذروتها بعد الوصول لسن اليأس، مثل: الهبات الساخنة، والتعرق الليلي، وجفاف المهبل، والتقلبات المزاجية.
ولكن يوجد أعراض أخرى غير مشهورة قد لا تعرفينها تنتج أيضاً عن التغيرات الهرمونية التي تبدأ في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، وتتضمن:
- القلق والاكتئاب.
- التشوش الذهني والتعب والإرهاق.
- انخفاض الشهوة الجنسية.
- خفقان القلب.
- تساقط الشعر.
- الأرق.
- ألم المفاصل.
- ألم العضلات.
- زيادة معدل التبول والشعور بحاجة ملحة للتبول.
- تغيرات في الجلد (جفاف وتجاعيد).
لماذا من المهم مراجعة الطبيب بشأن أعراض ما قبل انقطاع الطمث؟
أعراض ما قبل انقطاع الطمث تتفاوت من خفيفة إلى مزعجة، لكن تقول الدكتور باتيل ” التغيرات في مستوى الإستروجين تؤثر على أعضاء الجسم، والأمر ليس التعامل مع بعض من الأعراض المزعجة فحسب، إنّما النظر إلى التأثير العام لهذا التغير الهرموني على صحة الجسم ككل على المدى البعيد“.
فمع الاقتراب نحو سن اليأس تزداد احتمالية الإصابة بعدد من الأمراض مثل: هشاشة العظام وأمراض القلب.
تنصح الدكتورة باتيل بتدوين الأعراض التي تشعرين بها في مفكرة يومية، مع الاحتفاظ بوقت حدوثها وعلاقتها بالدورة الشهرية، فهذه المعلومات يمكن أن تساعد الطبيب على فهم كيف ترتبط هذه الأعراض بالتغيرات الهرمونية، مما يسهل تقديم العلاج المناسب.
تقول الدكتورة باتيل معقبّة: ” لا تعاني وحدك، حاولي فهم ما تشعرين به، واطلبي الرعاية الصحية التي تحتاجينها”.
كيف أتعامل مع أعراض ما قبل انقطاع الطمث؟
العلاج الهرموني لتعويض النقص في هرمون الإستروجين، يساعد على تحسين الهبات الساخنة، والتقلبات المزاجية، وآلام المفاصل، ومشاكل النوم، وحماية العظام، لكن الهرمونات البديلة ليست الحل الوحيد لمرحلة ما قبل انقطاع الطمث.
توجد أيضًا أدوية غير هرمونية فعالة جدًا يمكنها معالجة أعراض معينة، مثل دواء فيزولينيتانت (Fezolinetant) الذي يفيد في تخفيف الهبات الساخنة؛ تقول الدكتورة باتيل: “عندما نعالج الهبات الساخنة، فإن ذلك يساعد غالبًا على تحسين النوم، والمزاج، وتقليل التشوش الذهني.”
وحتى دون أدوية، هناك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتخفيف الأعراض وحماية صحتك، ” مع وصولك لمرحلة ما قبل انقطاع الطمث سيصبح نظامك الغذائي، ونشاطك البدني، وعادات نومك الصحية أكثر أهمية من قبل” وفقاً للدكتورة باتيل. من التغيرات في نمط الحياة التي يمكن أن تساعد:
- الحرص على عدم زيادة الوزن: زيادة الوزن أمر شائع في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، وكذلك قد يتغير توزيع الدهون بحيث يصبح أكثر تجمعاً في وسط جسمك، ولكن الوقاية من ذلك ممكنة من خلال عادات الأكل الصحية، النشاط البدني، والنوم الجيد.
- تقوية العظام: ما زلت بحاجة لممارسة 150 دقيقة من التمارين الرياضية المعتدلة على مدار كل أسبوع، مثل السباحة والمشي، ولكن لتوفير حماية حقيقة لعظامك والوقاية من هشاشة العظام عليك ممارسة تمارين المقاومة ورفع الأوزان. بالإضافة إلى بعض التمارين التي تشكل ضغطًا على العظام، مثل الجري أو القفز.
- حماية القلب: من المهم اتباع نظام غذائي مفيد لصحة القلب بحيث تكثرين من تناول الخضراوات والفواكه، وتختارين الحبوب الكاملة، ومصادر البروتين قليلة الدهون (ويفضل مصادر البروتين النباتية).
- الحصول على نوم جيد: النوم جزء مهم من يومك، ومع تقدمك في السن تزداد أهميته أكثر فأكثر، إذا كنتِ تجدين صعوبة في النوم، تنصح الدكتورة باتيل بتجربة تقنيات الاسترخاء مثل: التأمل واليوجا.
أيّاً كانت الأعراض التي تعانين منها، من المهم أن تهتمّي بها وتبلغي بها طبيبك، الذي بحصوله على معلومات دقيقة وشاملة حول صحتك يمكنه أن يمنحك علاجات أفضل – ويساعدك على الانتقال بشكل أكثر سلاسة إلى مرحلة انقطاع الطمث.
اتخذي الخطوة التالية
لمعرفة المزيد حول مرحلة ما قبل انقطاع الطمث تواصلي مع طبيب الرعاية الصحية الأولية.
9 أبريل 2025