في عالم يأسره السعي وراء الرفاهية والحيوية، يتعرض المستهلكون لوابل من الإعلانات لمجموعة متنوعة من المكملات الغذائية، والتي يتم تصويرها على أنّها إكسير الطاقة! لكن تحت الوعود البرّاقة يكمن عالم من الغموض والتساؤل؛ هل هذه المكملات هي حقًا الدواء الشافي، أم أنها مجرد أوهام يستحضرها سحر التسويق؟ انضم إلينا في رحلة لكشف اللغز والحقائق وراء عالم المكملات الغذائية الآسر.
هل المكملات الغذائية مفيدة حقًّا؟
غالبًا يسوّق المصنعون المكملات كوسيلة ملائمة لتلبية المتطلبات الغذائية اليومية، لكن فعالية هذه المكملات تظل موضع نقاش. حاولت العديد من الدراسات تقييم الفوائد الفعلية للمكملات الغذائية، وكانت النتائج متفاوتة؛ في حين أظهرت بعض المكملات الغذائية آثارًا إيجابية، إلا أنّ بعضها الآخر فشل في تحقيق النتائج الموعودة، على سبيل المثال:
1- مكملات الذاكرة
حجم السوق العالمية لمكملات الذاكرة وحدها بلغ 9.9 مليار دولار عام 2023، ومن المتوقع أن يتضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف في العشر سنوات المقبلة. تشير الإعلانات إلى أنّها يمكن أن تحسن الذاكرة والتركيز، وتبطئ بعض آثار الشيخوخة، استنادًا إلى أنها تحتوي على مركبات كيميائية لها خصائص مضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة ومضادة للتخثر، مثل فطر عرف الأسد، والجينسنغ، والجنكة، واللوتين، والكركم، وفيتامينات ب، وفيتامين هـ، وأحماض أوميغا 3 الدهنية وهلمّ جرًّا من أشكال وتركيبات وتركيزات مختلفة.
وجدت بعض الدراسات الصغيرة علاقة ضعيفة بين بعض هذه المكونات وفوائدها للذاكرة، لكنّ نتائج الأبحاث واسعة النطاق والأكثر دقة لا تزال غير مؤكّدة.
2- مكملات المفاصل
الدراسات التي أُجرِيت على فعالية مكملات المفاصل التي تحتوي عادةً الجلوكوزامين والكوندرويتين، كانت لها أيضًا نتائج متضاربة، واستنادا إلى الأبحاث التي أجريت حتى الآن، ليس من الممكن تأكيد ما إذا كانت فعالة.
3- مكملات تحسين البصر
أظهرت تجربتان سريريتان رئيسيتان أنّ بعض الفيتامينات والمعادن يمكن أن تبطئ تطور الضمور البقعي المرتبط بالعمر. ومع ذلك، فإنّ هذه المكملات لا تمنع الإصابة بالمرض.
نصائح عند استخدام المكملات الغذائية
فيما يلي بعض النصائح التوجيهية التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند التفكير في استخدام المكملات الغذائية للوقاية من الأمراض والحفاظ على الصحة:
- لا تستبدل المكملات الغذائية بنمط الحياة الصحي
افهم أن المكملات الغذائية تهدف إلى استكمال نمط الحياة الصحي، وأنّها ليست بديلاً عن التدابير والممارسات الصحية، مثل النشاط البدني المنتظم، والتغذية الصحية المتوازنة، والنوم الكافي، وتعزيز الروابط الاجتماعية القوية.
- حرك جسمك
اجعل النشاط البدني المنتظم أساسيًا في روتينك. سواء كان ذلك نزهة يومية، أو ممارسة رياضة مفضلة؛ فالنشاط البدني لا يعزز الصحة العامة فحسب، بل يؤثر أيضًا بشكل إيجابي على الصحة.
- اهتمّ لغذائك
تناول طبقًا ملونًا يحتوي على مجموعة متنوعة من الأطعمة المتوازنة والمغذية، ففي حين أنّ المكملات الغذائية قد توفر دعمًا إضافيًا، إلا أنّها لا ينبغي أن تحل محل مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية التي يتم الحصول عليها من خلال الأطعمة الكاملة.
- نم جيّدًا
انتبه لأنماط نومك، وتأكد من حصولك على قسط كافٍ من النوم المريح، لأنّه يلعب دورًا حاسمًا في الوظيفة الإدراكية والصحة العامة. قم بإنشاء روتين مريح قبل النوم وحافظ على جدول نوم ثابت.
- تواصل مع أحبابك
انخرط في الأنشطة التي تجلب لك السعادة، وتسمح بالتفاعل الهادف مع الآخرين، فهذا يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي في صحتك.
- تحدّ عقلك
حفز عقلك وصحّتك بأنشطة مثل: الألغاز، أو تعلم مهارات جديدة، أو الانخراط في أنشطة إبداعية.
- عالج الحالات الصحية
كن يقظًا بشأن إدارة وعلاج الحالات الصحية المختلفة، مثل ضغط الدم ومستويات السكر في الدم، إنّ الحفاظ على هذه العوامل بنجاح لا يعزز الصحة العامة فحسب، بل يساهم أيضًا في تقليل خطر التدهور المعرفي.
- اهتم بصحة قلبك
يساهم تبني عادات صحية للقلب، مثل: اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، في تقليل خطر المشكلات الصحية.
- احصل على مشورة الطبيب
قبل استخدام أي مكملات جديدة، اسأل طبيبك عنها للحصول على مشورة مخصصة بناءً على احتياجاتك وظروفك الفردية.
ماذا عن سلامة المكملات الغذائية؟
أُثيرت مخاوف بشأن سلامة بعض المكملات الغذائية، وآثارها الجانبية، مثل انزعاج المعدة أو الصداع أو الغثيان، وتفاعلاتها المحتملة مع الأدوية المزمنة، مثلاً، يمكن لنبتة سانت جون أن تسرع من تحلل أدوية القلب، ومضادات الاكتئاب، وحبوب منع الحمل، مما يجعلها أقل فعالية، وبنفس النمط، قد يتداخل فيتامين E مع مميع الدم الوارفارين، لذا اسأل الطبيب دائمًا قبل استخدام المكملات للتأكد مع مناسبتها لك وعدم تعارضها مع أدويتك.
كلمة أخيرة
في السعي لتحقيق الصحة المثالية، تظل الحقيقة وراء المكملات الغذائية قضية معقدة ودقيقة. في حين أنّ بعض الأفراد قد يستفيدون منها، فمن الضروري التعامل معها بحرص ووعي، وأن تؤخذ إلى جانب نمط الحياة الصحي، دون أن تكون بديلا عنه.
25 يناير 2024