احتمالية حدوث آثار جانبية على المدى البعيد للعلاج الإشعاعي للسرطان قليلة جداً، ورغم ذلك فإنّ المرضى الذين يعانون من آثار جانبية مبكرة بعد العلاج الإشعاعي أكثر عرضة لأن تصيبهم آثار جانبية متأخرة على المدى البعيد.
وفقاً لدراسة جديدة قادها باحثون من مركز جونسن الشامل للسرطان التابع لجامعة UCLA، وُجد أنّ الرجال الذين يخضعون للعلاج الإشعاعي لسرطان البروستاتا ويعانون من آثار جانبية في وقت مبكر من العلاج، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشكلات صحية أكثر خطورة على المدى الطويل؛ تتعلق بوظائف المسالك البولية والأمعاء.
إذ وجدت الدراسة أنّ:
- المرضى الذين عانوا من آثار جانبية متوسطة في المسالك البولية في أول 3 شهور من العلاج الإشعاعي كانوا أكثر عرضة بمقدار الضعف تقريباً للتعرض لمشاكل وآثار مستقبلية في المسالك البولية مقارنة بالأشخاص الذين لم يعانوا من أي آثار جانبية مبكرة.
- وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا لآثار جانبية معوية مبكرة فوُجدوا أكثر عرضة بمقدار الضعف تقريباً لتطور مشاكل مزمنة في الأمعاء مستقبلاً.
عملياً: ماذا تعني هذه النتائج؟
هذه النتائج التي نُشِرَت في مجلة “The Lancet Oncology”، تبرز ضرورة تطوير استراتيجيات أفضل لإدارة الآثار الجانبية المبكرة للعلاج الإشعاعي للبروستاتا، بهدف تقليل فرص حدوث مضاعفات وآثار على المدى البعيد وتحسين جودة حياة المرضى.
يقول الدكتور أمار كيشان؛ نائب الرئيس التنفيذي لقسم علاج الأورام بالإشعاع في كلية ديفيد جيفن للطب في جامعة UCLA، والمؤلف الرئيسي لهذه الدراسة:
” تطورت علاجات سرطان البروستاتا بشكل كبير، وأصبح المصابون يعيشون لفترات أطول من أي وقت مضى، هدفنا الآن هو تقليل الآثار والمضاعفات المستقبلية للعلاج، مثل: صعوبة التبول، والنزيف الشرجي، والتي قد تؤثر سلباً في حياة المرضى لسنوات قادمة“.
وأضاف ” هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية الابتكارات التي نعمل جاهدين لتطويرها مثل: تقليص المنطقة الهامشية المحيطة بالورم التي يتم تعريضها للإشعاع أثناء العلاج، سعياً منا لتقليل الآثار الجانبية المبكرة، الأمر الذي يساعد بدوره أيضاً على الحد من المضاعفات والآثار الجانبية المتأخرة التي يمكن أن تتطور لاحقاً.”
مزيد من التفاصيل
سرطان البروستاتا هو نوع السرطان الأكثر شيوعاً بين الرجال، والعلاج الإشعاعي علاج أساسي للحالات الموضعية غير المنتشرة منه.
عادة يُعطى المرضى جرعات أعلى من العلاج الإشعاعي لتحقيق سيطرة أفضل على المرض، لكن هذا في المقابل يُعرّض الأنسجة والأعضاء القريبة لآثار جانبية محتملة على المدى القريب والبعيد.
الآثار الجانبية المبكرة
هي الآثار التي تظهر خلال أول 3 شهور بعد انتهاء العلاج الإشعاعي، وهي عادة مؤقتة، وتتضمن:
- الآثار البولية الشائعة هي:
- زيادة عدد مرات التبول.
- صعوبة التبول.
- الشعور بألم أو انزعاج أثناء التبول.
- بينما الآثار المعوية قد تتضمن:
- الإسهال أو زيادة ليونة البراز.
- ألم أو انزعاج في الشرج أثناء الإخراج.
الآثار الجانبية بعيدة المدى
هي الآثار والمضاعفات التي يمكن أن تظهر بعد مرور أشهر أو حتى سنوات من العلاج الإشعاعي، وهي عادة أسوأ على جودة حياة المريض مقارنة بالآثار المبكرة، وتتضمن:
- الآثار البولية: تضيق الحالب، وظهور دم في البول.
- الآثار المعوية: ظهور دم في البراز، وتكوّن قرحة في جدار المستقيم.
على الرغم من أن كلا من الآثار الجانبية المبكرة والمتأخرة سببها الضرر الإشعاعي على الأنسجة السليمة المحيطة بالبروستاتا، إلا أنّ العلاقة بينهما لم تكن قد دُرست من قبل بشكل جيد، خاصة بالاستعانة بقاعدة بيانات واسعة.
لفهم هذه العلاقة بشكل أفضل جاءت هذه الدراسة، التي حلل فيها الباحثون بيانات واسعة لأكثر من 6,500 مريض، من 6 تجارب سريرية عشوائية من المرحلة الثالثة، فقد تضمنت هذه الدراسات بيانات منشورة مفصلة على مستوى الأفراد حول الآثار الجانبية المبكرة وبعيدة المدى التي أصابت الجهاز البولي والهضمي.
وجد الباحثون أنّ:
1- المرضى الذين تعرضوا لآثار جانبية مبكرة متوسطة أو شديدة، كانوا أكثر عرضة لتطور آثار جانبية ومضاعفات على المدى البعيد حتى بعد سنوات من انتهاء العلاج.
2- الذين عانوا من آثار بولية ومعوية كانوا أيضًا أكثر عرضة لانخفاض ملحوظ في قدرتهم على القيام بالأنشطة اليومية وجودة حياتهم بشكل عام.
بالتفصيل أكثر:
- بالنسبة للآثار الجانبية:
- التعرض لآثار بولية مبكرة زاد نسبة الآثار الجانبية البولية المتأخرة من 7.5% إلى 12.5%.
- التعرض لآثار معوية مبكرة زاد نسبة الآثار الجانبية المعوية المتأخرة من 12.5% – 22.5%.
- بالنسبة لجودة الحياة:
- الرجال الذين تعرضوا لآثار جانبية متوسطة في المسالك البولية أكثر عرضة بمقدار 1.4 مرة لانخفاض ملحوظ في جودة حياتهم المرتبطة بوظائف المسالك البولية. وأيضاً الرجال الذين تعرضوا لآثار جانبية متوسطة في الأمعاء كانوا أكثر عرضة بمقدار 1.5 مرة لتراجع ملحوظ في جودة حياتهم المرتبطة بوظائف الأمعاء.
يقول الدكتور جون نيكيتاس؛ مقيم في قسم علاج الأورام بالإشعاع في UCLA Health والمؤلف الأول لهذه الدراسة:
” هذه النتائج توضح أن الآثار الجانبية المبكرة للعلاج الإشعاعي ترتبط بزيادة فرص الأضرار المحتملة على المدى البعيد، وهذا يسلط الضوء على ضرورة اتخاذ تدابير للحدّ من الآثار المبكرة، لأنّ هذا سينعكس إيجاباً على جودة حياة المريض واحتمالية تعرضه لآثار ومضاعفات على المدى البعيد“.
وأضاف الدكتور كيشان الذي يعمل أيضًا كباحث في مركز جونسن الشامل للسرطان التابع لـ UCLA Health، موضحاً دور التقنيات الحديثة في الحدّ من كل من الآثار الجانبية المبكرة وبعيدة المدى:
“التقليل من الآثار الجانبية بالاستعانة بتقنيات متقدمة مثل العلاج الإشعاعي الموجه بالرنين المغناطيسي، والذي يتيح استهدافاً أكثر دقة للأورام، وطرق حماية الإحليل التي تستخدم فواصل بين البروستاتا والأنسجة المحيطة مثل المستقيم لحمايتها، والتقليل من الآثار الجانبية“
ولكننا بحاجة لمزيد من الدراسات لتحديد ما إن كانت طرق تقليل الآثار الجانبية المبكرة ستقلل بالفعل من الآثار بعيدة المدى، وما إن كان علاج الآثار الجانبية المبكرة بأسرع وقت ممكن قد يقلل من احتمالية تطور الآثار بعيدة المدى.
ملاحظة:
يتضمن الباحثون المشاركون الآخرون في هذه الدراسة: الدكتور مايكل ستاينبرغ، والدكتور لوكا فالي، والدكتورة جوان ويدهس، وبارسا جمشيديان، ودوناتيلو تيليسكا، وتهمينه روميرو، للتزود بالقائمة الكاملة للمؤلفين يمكنك الاطلاع على المقالة.
حصلت هذه الدراسة على دعم جزئي من منح مقدمة من المعاهد الوطنية للصحة ووزارة الدفاع.
18 مارس 2025