كشفت دراسة سريرية وغير سريرية أجراها مركز UCLA Jonsson الشامل للسرطان عن الأسباب الجينية لمقاومة الخلايا السرطانية للعلاج الموجه للسرطان، ما قد يساهم في إيجاد حل لهذا التحدي الذي قد يقف عائقًا في رحلة علاج السرطان، وتم نشر نتائج الدراسة في المجلة العلمية (Cancer Discovery) وهي مجلة تابعة للرابطة الأمريكية لأبحاث السرطان.
في هذه الدراسة تم تجربة أسلوب علاجي جديد من أجل التقليل من مشكلة مقاومة الخلايا السرطانية للعلاج الموجه، من خلال معرفة كيفية التطور الجزئي للخلايا السرطانية الذي يساعد هذه الخلايا في التحايل على العلاج وبالتالي الانتشار في الجسم، وذلك وفقًا للمؤلف المشارك للدراسة الدكتور روجر لو (Roger Lo)، الباحث في مركز UCLA Jonsson الشامل للسرطان، وأستاذ الطب وعلم الأدوية الجزيئي في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا. وأشار بأن الدراسات العلمية السابقة ركزت على علاج السرطان بعد عودته وبعد أن أصبح معقدًا وأكثر قوة، لكن في هذه الدراسة يتم التركيز على الوقاية كأسلوب أفضل من خلال محاولة تقليل مقاومة الخلايا السرطانية للعلاج بعد انتشار السرطان بالجسم بشكل فتاك؛ وذلك لزيادة فرصة نجاة المريض من انتشار السرطان.
لفهم كيف يتغير جينوم الخلايا السرطانية فورًا بعد تعرضه للعلاج الموجه للسرطان والذي يتم غالبًا من خلال توليد متغيرات جينية جديدة لها القدرة على الهروب من العلاج الموجه للسرطان، قام الباحثون بالتركيز على الورم الميلانيني الخبيث الذي يعد نوعًا من أنواع سرطان الجلد. مع العلم أنه قبل تطوير العلاج الموجه الفعال مؤخرًا لم يكن هناك وجود لعلاج موجه فعال لمرضى سرطان الجلد الذين تحتوي أمراضهم السرطانية على طفرة جينية تسمى (BRAF)، حيث توجد هذه الطفرة عند حوالي نصف مرضى سرطان الجلد، كما توجد عند مرضى الأنواع الأخرى من السرطانات.
بدوره أوضح الدكتور روجر لو قائلًا: “نأمل أنه من خلال العمل على منع خلايا السرطان الميلانيني من توليد التغير الجيني، أن نتمكن من تجنب الطرق العديدة التي يقاوم بها هذا الورم العلاج الموجه”.
لفهم ما حدث، فقد لاحظ فريق البحث من خلال تحليل خزعات الورم المأخوذة من مرضى السرطان قبل تعرضهم للعلاج الموجه، ثم في وقت الانتكاس السريري، أن جينيوم الورم الميلانيني يمكن أن يخضع لعملية تسمى التهشم الكروموسومي (Chromothripsis) وهي عبارة عن “تكسير وإعادة تجميع” كردة فعل عند تعرضه للعلاج الموجه. حيث يمكن أن تخرج من الكروموسوم كميات صغيرة من الحمض النووي (DNA)، ثم يعاد تجميعها لينتج حمض نووي دائري غير صبغي (Circular extrachromosomal DNAs or ecDNAs). حيث يمكن للخلايا السرطانية إنتاج والاحتفاظ بالعديد من النسخ من (ecDNAs) والتي تصل إلى حوالي 50 – 100 نسخة في بعض الحالات مما قد يسبب تضخم الجينات المسؤولة عن مقاومة العلاج. كما يمكن لهذه الـ (ecDNAs) الاندماج مع الكروموسومات مسببةً تضخمًا جينيًا ثابتًا.
وحسب براشانثي دارانيبراغادا (Prashanthi Dharanipragada) وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في فريق روجر لو والمؤلفة المشاركة مع زميل ما بعد الدكتوراه تشانغ شياو (Xiao Zhang): “قمنا بتحليل كيفية إعادة تجميع الحمض النووي للجينوم المكسور في الورم الميلانيني المقاوم للعلاج الموجه، واكتشفنا وجود بروتين يسمى كيناز أو (DNA-PK) والمعتمد على الحمض النووي والذي قد يكون مهمًا لفهم هذه العملية”.
كما قال جاتين موريسو (Gatien Moriceau) الأستاذ المساعد في الطب ومؤلف مشارك في الدراسة: “ قمنا بتجربة تجمع بين منع حدوث طفرات في الجينات ومنع حدوث مقاومة للعلاج في الخلايا السرطانية التي تم زراعتها مخبرياً في الفئران والتي نعتقد أنه يمكن تطبيقها على العديد من أنواع الورم الميلاني وعلى بعض الأنواع الأخرى من السرطانات، مثل: سرطان البنكرياس، وسرطان الرئة”.
وبناءً على هذه النتائج قبل السريرية يعمل الدكتور لو مع المؤلف المشارك ستيرجيوس موسكوس (Stergios Moschos) الأستاذ الإكلينيكي وباحث سرطان الجلد في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، على تصميم تجربة سريرية للمرضى الذين يعانون من أنواع فرعية معينة من سرطان الجلد.
24 أبريل 2023