يواجه عالمنا أزمة صحية نفسية متنامية، خاصة بين المراهقين. وتُعد الفتيات أكثر عرضة لهذه التحديات من نظائرهنّ الذكور، فالإحصائيات تُشير إلى أنّ معدلات الاكتئاب والقلق بينهنّ في أعلى مستوى لها منذ عقد من الزمن.
إحصائيات مُقلقة حول الصحة النفسية للمراهقات
تُظهِر إحصائيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة الأمريكية وأبحاث أخرى أنّ:
- أكثر من نصف الفتيات المراهقات يبلغن عن شعورهن بـالحزن الدائم أو اليأس، وهو أعلى مستوى تم رصده خلال عقد من الزمن.
- تعاني 1 من كل 3 فتيات من أعراض الاكتئاب، مقارنة بـ 1 من كل 10 أولاد.
- تعرضت 1 من كل 5 فتيات للعنف الجنسي في عام 2023.
- فكرت 1 من كل 3 فتيات بجدية في الانتحار في عام 2023، وهذا رقم يدعو للقلق.
تُسلّط هذه الأرقام الضوء على الحاجة الملحّة للتواصل المفتوح والصريح بين الوالدين وبناتهم، لخلق بيئة آمنة وداعمة تُتيح للمراهقات التعبير عن مشاعرهن وتلقي المساعدة اللازمة.
ما الذي يسبب أزمة الصحة النفسية للفتيات المراهقات؟
يشير الخبراء إلى عدة ضغوطات تؤثر في الفتيات المراهقات من ناحية نفسية:
- ضغوط وسائل التواصل الاجتماعي: يمكن أن يؤثر المقارنة المستمرة ومعايير الجمال غير الواقعية عبر الإنترنت.
- انخفاض التواصل في الحياة الواقعية: سواء بين المراهقين مع أقرانهم أو بين الأسر ومجتمعاتهم، حيث يقضي هذا الجيل وقتا أقل من أي جيل آخر في التفاعل وجها لوجه مع أصدقائه والآخرين.
- البلوغ المبكر: يحفز البلوغ إطلاق هرمون الإستروجين، الذي ينشط هرمون التوتر. يؤدي النمو البدني المبكر إلى زيادة إضفاء الطابع الجنسي على الفتيات، وهو ما قد يكون مربكًا ومرهقًا.
- التوتر المزمن وعدم الأمان: تواجه الفتيات اليوم ضغوطات لم تواجهها الأجيال السابقة، بدءًا من جرائم الكراهية، والعنف، إضافة إلى تغير المناخ والمشاكل السياسية.
قد لا يدرك الآباء دائمًا أن بناتهم يعانون من مشكلات تتعلق بالصحة النفسية، ويفسرون هذه العلامات خطأً على أنّها تغيرات نمو طبيعية. إذا كانت لدى الوالدين أي شكوك، فيجب عليهم طلب المشورة من طبيب الأطفال أو المعالج بدلاً من افتراض أن كل شيء على ما يرام، خاصة مع ابنتهم الكبرى، لأن هذه هي أول تجربة لهم في التربية.
نصائح للآباء لمساعدة بناتهم المراهقات
يعد وجود أحد الوالدين أو شخص بالغ آخر لمناقشة التحديات معه عاملاً رئيسياً في رفاهية المراهقين. تشير الإحصائيات إلى أنّ فرصة ازدهار المراهق تكون أعلى بـ 12 مرة عندما يشعر المراهق أن بإمكانه اللجوء إلى أحد الوالدين في أي موضوع، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك.
إليك نصائح تفيدك عند التحدث مع ابنتك ودعمها نفسيًّا:
- تواصل بانفتاح
تذكر دائمًا أن التواصل الجيد مع ابنتك هو المفتاح لمساعدتها على تجاوز هذه الفترة الصعبة. أهم شيء هو خلق بيئة آمنة حيث تشعر ابنتك بالراحة الكافية للتحدث معك عن أي شيء يزعجها.، وتشجيعها على مشاركة مشاعرها معك.
- استمع بإصغاء
كن أذنًا صاغية لابنتك. بدلاً من إلقاء المحاضرات أو طرح الكثير من الأسئلة، ركز على الاستماع باهتمام لما تقوله ابنتك. أظهر لها أنّك مهتم وأنّك تريد فهم وجهة نظرها.
- تعاطف وتفهم
هدئ نفسك، وتجنب إصدار الأحكام على ابنتك أو التقليل من مشاعرها. بدلاً من ذلك، حاول أن تضع نفسك مكانها، وأظهر تفهّمك وأخبرها بأنّ ما تمر به صعب بالفعل، وأنّك بجانبها مهما حدث. تظهر الدراسات أنّ الفتيات يشاركن بشكل بانفتاح وفعالية أكبر عندما يستمع الآباء إليهنّ دون إصدار أحكام.
- كن قدوة صالحة
كن قدوة إيجابية فيما يتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. قلل من وقت استخدام هاتفك أمام ابنتك وأظهر لها تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وأهمية التوازن بين الحياة الرقمية والحقيقية.
- اخلق قنوات اتصال آمنة ومتنوعة
قد تشعر بعض الفتيات بعدم الارتياح خلال المحادثات وجها لوجه. جرب إجراء محادثات في السيارة أو أثناء المشي معًا، حيث لا يضطر أحدكما إلى النظر مباشرة إلى الآخر -حينما لا يكون التواصل البصري ضروريًا-.
- استمع بقلبك
عندما تتحدث مع ابنتك، ركز على المشاعر وليس فقط الكلمات، تخيل أنّ قلبك يتصل بقلبها وأنّ التواصل الحقيقي على المستوى العاطفي، ينبع من محبة واهتمام.
من خلال فهم هذه التحديات وتعزيز التواصل المفتوح، يمكن للآباء أن يكونوا قوة دافعة في مساعدة بناتهن في الحفاظ على صحتهنّ النفسية، وتجاوز أي فترات صعبة.
27 مايو 2024