في خطوة فارقة كثيراً لمرضى السكتة الدماغية، توصل العلماء لاستخدام جديد لإجراء طبي قديم، يُعرف بـ”تحفيز العصب المبهم”، للمرضى الذين يعانون من ضعف مزمن في الذراع نتيجة السكتة الدماغية. والمذهل أن هذا العلاج يمكن أن يساعد حتى المرضى الذين مرّت سنوات على إصابتهم بالسكتة، والذين كانوا يُعتقد أنهم وصلوا إلى مرحلة الثبات في التعافي.
تمت الموافقة على هذه التقنية من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في عام 2021 للأشخاص الذين مرّت ستة أشهر أو أكثر على إصابتهم بالسكتة الدماغية لتحسين وظائف الذراع.
يقول الدكتور جيفري كولبي، مدير جراحة الأعصاب الوعائية الدماغية في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس (UCLA):
“هذا الإجراء آمن جداً، استخدمنا تحفيز العصب المبهم لمرضى الصرع على مدى سنوات طويلة، ونحن نعرف تمامًا كيف يتم، الجديد الآن هو اكتشافنا استخدام جديد ومهم لهذا العلاج.”
ويضيف: “العلاج لا يعمل مباشرة على الذراع، بل يتفاعل مع الدماغ ويُسهّل إطلاق الناقلات العصبية، مما يؤثر بعد ذلك على أجزاء الجسم ويوفر فوائد كبيرة للمرضى.”
تفاصيل الإجراء الطبي
هو إجراء جراحي بسيط يتم خلال ساعتين، يشرح الدكتور أساف باري، جراح الأعصاب هذا الإجراء:
“نقوم بوضع إلكترود صغير حول العصب المبهم من خلال شق صغير في الرقبة، ومن ثم يتم توصيل هذا الإلكترود بجهاز صغير يُسمى ‘مولد النبضات’، يُزرع جراحيًا تحت عظمة الترقوة، إذ يكون الجهاز بالكامل تحت الجلد مثل منظم ضربات القلب.”
يبقى الجهاز المزروع والبطارية في جسم المريض مدى الحياة، ويتم تفعيله أثناء جلسات إعادة التأهيل.
يضيف الدكتور باري:
“أخصائيو إعادة التأهيل يستخدمون تقنية لاسلكية لتشغيل الجهاز أثناء الجلسات. يمكن للمرضى أيضًا استخدامه في المنزل، حيث يتم تزويدهم بمغناطيس خاص لتشغيل الجهاز لمدة 30 دقيقة يوميًا.”
نتائج العلاج
نتائج الجهاز مذهلة، إذ يقول الدكتور باري: “تُظهر الدراسات تحسنًا مضاعفًا في وظائف الطرف العلوي عند اقتران المُحفز بتمارين إعادة التأهيل مقارنة بإعادة التأهيل وحده.”
ويضيف: ” رغم أننا لا نعرف بالضبط كيف يعمل الجهاز، إلا أننا نعتقد أنه يُحفز إطلاق ناقلات عصبية مثل النورإبينفرين، مما يُساعد الخلايا العصبية في الدماغ على العمل بشكل أفضل، خاصةً في المنطقة المتضررة من السكتة.”
في السابق، كان يُعتقد أن معظم التعافي يحدث في الأشهر الستة الأولى بعد السكتة الدماغية. لكن هذا الإجراء والعلاج التحفيزي المصاحب لهما تحدّيا هذا الافتراض.
يقول الدكتور كولبي: “لقد رأينا مرضى مرّ على إصابتهم بالسكتة 10، 15، وحتى 20 عامًا يحصلون على فوائد.”
“ليس هناك تاريخ انتهاء معروف لإمكانية تحسين وظائف حركة الذراعين بهذا العلاج، هذا يفتح آفاقًا جديدة لعلاج مشاكل أخرى، مثل ضعف الأطراف السفلية الناتج عن السكتة”.
التعاون الطبي للتوعية بهذا العلاج
يقول الدكتور باري:
“هذا العلاج فتح مجالًا جديدًا تمامًا في الطب العصبي، فهو جمع بين أطباء الأعصاب، جراحي الأعصاب، وأطباء إعادة التأهيل، مما يمنح أملًا جديدًا لعدد كبير من المرضى الذين يعانون من آثار السكتة المزمنة”
ويؤكد الدكتور كولبي على أهمية نشر الوعي بهذا العلاج بين جميع الأطباء الذين يتعاملون مع مرضى السكتة، بدءًا من أطباء الأعصاب والجراحين وصولًا إلى أطباء الأسرة.
“الكثير من المرضى الذين مرّت سنوات على إصابتهم بالسكتة قد لا يعودون لزيارة أطباء الأعصاب، ولكنهم يتابعون مع أطبائهم العامين لمشاكل مثل ضغط الدم أو السكري. من المهم أن يعرف هؤلاء الأطباء عن هذا العلاج لتوجيه المرضى للاستفادة منه.”
خاتمة
ويختتم الدكتور باري بقوله: “أطباء الأعصاب وأطباء إعادة التأهيل لديهم العديد من المرضى الذين مرّ وقت طويل على إصابتهم بالسكتة ووصلوا إلى مرحلة الثبات في التعافي باستخدام طرق إعادة التأهيل التقليدية، عليهم إعادة النظر في هؤلاء المرضى لمعرفة ما إذا كان هذا العلاج مناسبًا لهم. إذا كان يناسبهم يجب أن يفكروا في إحالتهم لنا لأن الإجراء آمن والمخاطر منخفضة مقارنة بالفوائد المحتملة.”
ويضيف: ” UCLA لديها خبرة كبيرة في علاج السكتة الدماغية، جراحة الأعصاب الوظيفية عندنا تُعتبر من الأفضل في العالم، مع سجل قوي في علاج المرضى وزراعة الأجهزة العصبية، نحن نقدم علاجات متقدمة بأمان وأخلاق وإنسانية.”
16 يناير 2025