كيف تؤثر الصدمات النفسية في الذاكرة والصحة العقلية؟

21 مارس 2024

بعد التعرض لحدثٍ مُؤلم، قد يواجه الشخص بعض التأثيرات الفورية على صحته النفسية. فالصدمة، على سبيل المثال، ردة فعل طبيعية من الجسم والعقل لحمايتك من تأثير الصدمة بالكامل. وإذا واجهت صعوبة في تقبل الحدث، فقد تكون ردة فعلك الإنكار للتعامل مع تلك العواطف أو الواقع الصعب.

تابع القراءة لتعرف أكثر عن تأثير الصدمات النفسية على الدماغ!

دراسة حديثة حول تأثير الصدمات النفسية على الدماغ!

على الرغم من أنّ تأثير الصدمات على الصحة النفسية يكون واضحًا في الفترة الأولى بعد الحدث، إلا أنّنا لا نفهم تمامًا تأثير هذه الصدمات على الدماغ بعد فترة طويلة من حدوثها. إلا أنّ أبحاثاً جديدة أجرتها الدكتورة إبريل ثامز، وهي طبيبة أعصاب سريرية وأستاذة الطب النفسي في معهد جين وتيري سيميل لعلم الأعصاب والسلوك البشري، قد ألقت الضوء على العواقب العصبية طويلة المدى للصدمات النفسية غير المعالجة.

تشير الدراسة إلى أنّ الأفراد الذين لم يُعالجوا صدماتهم القديمة يواجهون خطرًا متزايدًا للإصابة بأمراض الدماغ في المستقبل، مثل الخرف، والخرف هو مصطلح يضم مجموعة من الأمراض التي تؤثر في الذاكرة والتفكير والقدرة على أداء الأنشطة اليومية، والتي أشهرها ألزهايمر.

ما هي النتائج التي وصلت إليها الدكتور ثامز؟

لاحظت الدكتورة ثامز أنّ الأفراد الذين تعرضوا للصدمات في وقت مبكر من حياتهم يميلون إلى الانعزال أو الانفصال الذهني عن الأشخاص من حولهم، ويمكن توضيح هذه الفكرة بمثال صغير، فمثلًا “إذا كنت تتحدث مع شخص ما، ولكنك في الوقت نفسه تفكر في أمر آخر، فمن الواضح أنك لن تكون منتبهًا لكل ما يقوله الشخص، ولذا فإنك إذا سُئلت عن تلك المحادثة، فمن المرجح أن تنسى تفاصيلها.”

يمكن أن يؤدي الانفصال الذهني إلى مشاكل كبيرة في الذاكرة. وقد لاحظت الدكتورة ثامز اتجاهًا مُقلقًا: “في بعض الأحيان، عندما يصل الناس إلى منتصف العمر، أي في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات، يبلغون عن نسيانهم لأحداثٍ مهمةٍ إلى حدٍ ما قد حدثت لهم”.

تروي الدكتورة ثامز تجربة مريضة “قادت السيارة طوال الطريق إلى سان دييغو ولم تتذكر قيادتها إلى هناك”، مما يسلط الضوء على شدة النسيان الذي يمكن أن يحدث.

ومما يثير الاهتمام، أن هذه الظاهرة لا ترجع إلى عدم القدرة المباشرة على تكوين ذكريات، كما تقول.

توضح الدكتورة ثامس: “إذا اختبرتُ بعض المرضى من هذه الفئة العمرية في بيئةٍ منفردة، وأعطيتهم قائمة كلماتٍ لمحاولة تذكرها، فسيكونون قادرين على تذكرها. ومع ذلك، تأتي مشاكل تذكر القائمة عندما يتعاملون مع ضغوطات الحياة”. يصبح هذا التناقض ملحوظًا بشكلٍ خاص في بيئات الاختبار المُحكمة الخالية من المُشتتات التي عادةً ما تُحفز استجابات الانفصال الذهني.

تلمح النتائج إلى أن تأثير الصدمات والشدائد التي تُعايش في مرحلة مبكرة من الحياة يمكن أن يؤدي إلى تغييراتٍ مدى الحياة تؤثر على طريقة تطور الدماغ – وهي تغييرات، كما تقول، تجعل الفرد عرضةً للخرف في منتصف العمر والشيخوخة.

ما أهمية علاج الصدمات النفسية مبكراً؟

أشارت دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية إلى أن الأفراد الذين لديهم تاريخ من الصدمات النفسية أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أكثر عرضة لتدهور وظائف الدماغ الإدراكية. كما تقترح دراسة أخرى نُشرت في “المجلة البريطانية للطب النفسي” أن صدمة الطفولة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالضعف الإدراكي مع التقدم في العمر.

ما هي الأسباب المحتملة التي تلعب دورًا في ذلك؟ أظهرت الدراسات أنّ الأفراد الذين يعانون من ضغوط أو صدمات مزمنة لديهم مستويات أعلى من الكورتيزول، وهو هرمون الإجهاد الذي يمكن أن يُلحق الضرر بالمخ بمرور الوقت، خاصة في مناطق مثل الحُصين، المسؤولة عن الذاكرة. يمكن أن يُزيد هذا الضرر من خطر الإصابة بأمراض التنكس العصبي مثل الزهايمر.

تقول الدكتورة ثامز أنّ هذه الدراسات، إلى جانب دراستها السريرية، تبني قضية قوية حول التأثير العصبي طويل المدى للصدمات النفسية غير المعالجة. وتؤكد على “أهمية علاج اضطرابات ما بعد الصدمة بشكل استباقي” من خلال التدخل المبكر والدعم المستمر للصحة النفسية.

وتضيف أن فهم ومعالجة الآثار طويلة المدى للصدمات النفسية يمكن أن يساعد الأفراد على تطوير آليات تكيف أكثر صحة من الانفصام النفسي، وقد يقلل من خطر تدهور وظائف الدماغ الإدراكية مع التقدم في العمر.

21 مارس 2024