حمية الكيتو التي تعتمد على تغيير جذري في النمط الغذائي الصحي التقليدي من خلال زيادة الدهون وتقليل الكربوهيدرات إلى حد كبير، أصبحت رائجة جداً لخسارة الوزن، وما قد لا يعرفه الكثيرون هو أنّ هذه الحمية تُعتبر وسيلة فعّالة تُستخدم منذ فترة طويلة للتحكم بنوبات الصرع عند الأطفال الذين لا يجدون استجابة للعلاج الدوائي الاعتيادي، تحت إشراف الطبيب بالطبع.
رغم فعالية حمية الكيتو المثبتة في التحكم بالصرع، إلا أنّنا لا نزال حتى الآن لا نفهم بالضبط كيف تعمل على التحكم بنوبات الصرع، يُعتبر فهم ذلك خطوة مهمة، حيث يمكن لتحليلها أن يفتح أبوابًا لتطوير أدوية جديدة تستهدف مرض الصرع. هذا بالإضافة إلى تجنيب المرضى الاعتماد على هذه الحمية الصارمة، التي قد تكون مصحوبة بآثار جانبية غير مرغوب بها على الصحة.
دراسة حديثة: كيف تقلل حمية الكيتو من نوبات الصرع؟
أظهرت دراسة حديثة على الفئران قام بها باحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، ونشرت في مجلة “Cell Reports” أنّ حمية الكيتو تُسبب تغيرات إيجابية في الميكروبيوم (الميكروبات النافعة التي تعيش في الجهاز الهضمي)، مما قد يوفر مناعة ضد نوبات الصرع.
هدف الدراسة
تهدف الدراسة إلى فهم التأثيرات الإيجابية التي يُسببها الكيتو دايت على الميكروبيوم، لتطوير أساليب علاجية فعّالة للأطفال الذين يعانون من الصرع المقاوم للأدوية، والذين يشكلون ثلث المرضى وفقًا للباحث والمؤلف الرئيسي للدراسة، غريغوري لوم.
رغم ذلك، يجب أن نشير إلى أنّ حمية الكيتو ليست البديل الرئيسي لعلاج نوبات الصرع، لأنّها تعتمد على تغييرات كبيرة في لنظام الغذائي وصعوبة الالتزام بها أو تنفيذها بسبب متطلباتها الصارمة، بالإضافة إلى آثارها الجانبية المحتملة، مثل: الغثيان، والإمساك، والتعب.
كيف أجريت الدراسة؟
اعتمد غريغوري لوم في هذه الدراسة على نتائج دراسة سابقة أجريت على فئران مصابة بالصرع، وكانت نتائجها أن الفئران التي اتبعت حمية الكيتو تعاني من نوبات صرع أقل مقارنة بالفئران التي اتبعت النظام الغذائي العادي.
ذهب لوم خطوة إضافية في هذه الدراسة، حيث قام بدراسة كيف يتغيّر الميكروبيوم المعوي للأطفال المصابين بالصرع الذين يعتمدون حمية الكيتو.
لتحقيق هذا الهدف، قام بزرع عينات من براز أطفال يعانون من الصرع ويتبعون حمية الكيتو في الفئران، بهدف معرفة ما إذا كان الميكروبيوم المعوي المرتبط بالحمية يمكن أن يحمي الفئران من نوبات الصرع؛ فقام بزرع براز 10 أطفال مصابين بالصرع المقاوم للأدوية في الفئران قبل وبعد البدء بحمية الكيتو؛ حيث تم جمع العينات قبل التزام الطفل بحمية الكيتو، وبعد شهر من الالتزام بها.
نتائج الدراسة
أظهرت النتائج أنّ الفئران اللاتي تلقت زرع براز الأطفال بعد اتباع حمية الكيتو كانت أقل عرضة لنوبات الصرع. وأكدت الدراسة وجود تغيرات واضحة في وظيفة الميكروبيوم لدى الأطفال الذين اتبعوا حمية الكيتو، من حيث أكسدة الأحماض الدهنية، واستقلاب الأحماض الأمينية.
تظل هذه النتائج واعدة، مع الحاجة المستمرة لإجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج والتحقق من إمكانية تطبيقها على البشر.
في الختام، تمثل هذه الدراسة بوابة لفهم تأثيرات حمية الكيتو على الميكروبيوم ومكافحة نوبات الصرع بشكل أفضل، وتفتح مجالًا للبحث عن علاجات جديدة وفعّالة للأطفال الذين يواجهون تحديات مستمرة في علاج الصرع المقاوم للأدوية.
18 يناير 2024