يؤثر العمل بجدول زمني غير منتظم، كنظام المناوبات أو الورديات (الشفتات) خاصة الليلية، بشكلٍ مباشر في نمط حياتك، بما في ذلك أوقات تناول الطعام، والنوم، وممارسة الرياضة، والعلاقات الاجتماعية، وقد يمتد الأمر إلى التأثير في صحتك أيضاً، حتى بعد العودة إلى جدول عمل منتظم أو التقاعد.
الأمر الجيد هو أن هناك خطوات يمكنك اتخاذها للحدّ من هذه المخاطر، إليك التفاصيل.
اضطراب الساعة البيولوجية: المشكلة الصحية الأكبر
يُعتبر اضطراب الساعة البيولوجية؛ وهي الساعة الداخلية للجسم التي تتضمن العمليات الجسدية والعقلية والسلوكية على مدار 24 ساعة، التحدي الصحي الأكبر الذي يواجه العاملين بنظام المناوبات.
إذ تتأثر الساعة البيولوجية بشكل رئيسي بالضوء والظلام، والعمل بنظام المناوبات- خاصةً في الليل – يعطّل عملها، ويخل بتوازن أنظمة الجسم التي تتحكم بها، بما في ذلك دورة النوم/الاستيقاظ.
مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات
كلما زادت سنوات العمل بنظام المناوبات زادت مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، بغض النظر سواء كنت تعمل في المناوبات الليلية أو المتناوبة. وتتضمن:
1- السرطان
يؤثر اختلال الساعة البيولوجية في وظائف الخلايا الداخلية في الجسم، إذ يمكن أن يتداخل مع إصلاح الحمض النووي (DNA) فيها، ودورة حياتها وموتها، مما قد يؤدي في النهاية إلى السرطان في حال استمرار هذا الاختلال لفترة طويلة، حسب تقارير نشرها برنامج السمية الوطني.
حتى مع الحصول على قسط كافٍ من النوم، يمكن أن يؤثر تغير نمط التعرض للضوء والظلام الذي يعيشه العاملون بنظام المناوبات سلباً في إنتاج وإفراز الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم. نتيجة لذلك، فإنّ الحرمان من النوم العميق يمنع الخلايا من أداء وظائفها بشكل صحيح، ويقلل من قدرتها على إصلاح نفسها، ويضعف قدرتها على تثبيط نمو الأورام، وهذا يؤدي إلى تراكم الأضرار في الحمض النووي، ويزيد من خطر تطور السرطان بسهولة أكبر.
2- أمراض القلب والأوعية الدموية
يزيد العمل لساعات طويلة أو غير منتظمة عند عمال المناوبات من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وذلك يُعزى إلى العوامل التالية:
- التوتر المزمن الناجم عن العمل لساعات غير منتظمة.
- ارتفاع ضغط الدم المرتبط بالعمل لساعات طويلة.
- زيادة عوامل الخطر الأيضية، بما في ذلك مؤشر كتلة الجسم (BMI) المرتفع والتدخين.
وجدت إحدى الدراسات أن خطر الوفاة من جميع الأسباب وأمراض القلب والأوعية الدموية أعلى لدى النساء اللواتي عملن بنظام المناوبات الليلية المتناوبة لمدة 5 سنوات أو أكثر مقارنة بالنساء اللواتي لم يعملن أبداً في المناوبات الليلية.
3- مشاكل الجهاز الهضمي
الأشخاص الذين يعملون في نظام المناوبات أكثر عرضة للإصابة بمشاكل هضمية، مثل:
- آلام البطن.
- الإمساك.
- الإسهال.
4- متلازمة القولون العصبي (IBS).
قد يكون هذا بسبب الحرمان من النوم المرتبط بالشفتات الليلية، بالإضافة إلى نوعية الأطعمة التي يتناولها العاملون، إذ يتناول العديد من عمال المناوبات نفس عدد السعرات الحرارية مثل غيرهم، لكن نظامهم الغذائي غالبًا ما يحتوي على الأطعمة المصنعة، والتي يمكن أن تغير ميكروبيوم الأمعاء.
5- الاضطرابات النفسية
العمل بنظام المناوبات يجعل من الصعب البقاء على تواصل مع الآخرين، وبناء علاقات اجتماعية، ويمكن أن يؤدي إلى العزلة، كما أنّ الأشخاص الذين يعملون ليلاً أو بساعات غير منتظمة أكثر عرضة للإجهاد والمشاكل النفسية مقارنة بالأشخاص الذين يعملون في ساعات النهار الاعتيادية، ففي دراسة شملت أكثر من 175,000 شخص، وجد الباحثون أن العمل بنظام المناوبات مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق – وكلما زاد عدد ساعات العمل في المناوبات، زاد الخطر.
6- اضطرابات الأيض
الاضطرابات الأيضية هي الحالات الصحية التي تتطور نتيجة اضطراب عملية الأيض داخل الجسم (عملية تحويل الطعام إلى طاقة)، بما فيها السمنة، والمتلازمة الأيضية، والسكري من النوع الثاني.
يزداد خطر الإصابة باضطراب الأيض لدى العاملين في نظام المناوبات نتيجة هذه العوامل:
- مؤشر كتلة جسم أعلى من العاملين بنظام العمل النهاري.
- اختلال الهرمونات التي تنظّم عملية الأيض، مما يؤثر في الشهية، وتناول الطعام، والوزن.
- خيارات نمط حياة غير صحية تتعلق بالتدخين، والحمية الغذائية، والرياضة.
علامات تأثير العمل على النوم
وفقًا للأبحاث، فإن العمال الليليين أكثر عرضة بـ 3 مرات للإصابة باضطراب النوم المرتبط بالعمل مقارنة بأولئك الذين يعملون صباحاً.
قد يساعد التعرف على العلامات والحصول على علاج لاضطراب النوم في تجنب المشكلات الصحية الجسدية والعقلية المرتبطة به، تتضمن علامات اضطرابات النوم المرتبطة بالعمل ما يلي:
- النعاس أثناء النهار، وهو عرض من أعراض اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية.
- الأرق (صعوبة في النوم أو الاستمرار في النوم).
- أنماط نوم غير منتظمة، بما في ذلك النوم في أوقات غير معتادة، والتي يمكن أن تشير أيضًا إلى النوم القهري، وهو اضطراب النوم الذي يسبب النعاس المفرط.
- الشخير أو النوم المتقطع، وهي أيضاً أعراض قد تدل على انقطاع التنفس أثناء النوم الذي يميل إلى أن يكون أسوأ بالنسبة لعمال المناوبات.
إذا لاحظت استمرار الأعراض أو ازديادها سوءًا، استشر طبيبك الذي يمكنه تقديم خيارات العلاج المناسبة لحالتك أو إحالتك إلى أخصائي آخر.
نصائح للحد من مخاطر العمل بنظام المناوبات
يمكن أن يساعد الحفاظ على عادات نمط الحياة الصحية والحصول على الدعم الذي تحتاجه في تقليل خطر الإصابة بالحالات المزمنة المرتبطة بنظام المناوبات.
كعامل بنظام المناوبات، ركّز على:
- عادات الأكل الصحية: تناول الأطعمة الكاملة عالية الجودة قدر الإمكان، توصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) بعدم تناول الطعام بين منتصف الليل والسادسة صباحًا للحفاظ على أنماط الأكل المعتادة.
- النوم بشكل أفضل: اتبع استراتيجيات النوم المصممة للعاملين بنظام المناوبات، والتي تتوافق مع احتياجاتك الفردية وجدول العمل وبيئة المنزل.
- الحفاظ على العلاقات: تناول وجبة واحدة على الأقل مع عائلتك يوميًا، وحدد موعداً أسبوعيًا للقاء الأصدقاء، سواء شخصيًا أو عن طريق دردشة الفيديو.
- طلب المساعدة: تقدم العديد من المنظمات الدعم للعاملين بنظام المناوبات، مثل جمعيات العاملين بنظام المناوبات، وبرامج مساعدة الموظفين، ومواقع التعليم حول النوم. كما تقدم UCLA Health أيضاً رعاية شاملة لاضطرابات النوم.
25 يوليو 2024